ما هي كمية النفط التي يمكن للمملكة العربية السعودية إنتاجها حقا؟
على مدى عقود، كانت الأرقام الحقيقية المتعلقة بمستوى احتياطيات المملكة العربية السعودية من النفط الخام وإنتاجها موضع جدل وارتباك كبيرين، ولم يساعدها في ذلك التعتيم من السعوديين على وجه التحديد حول ماهية هذه الأرقام. والسبب وراء التعتيم هو أن المصدر الوحيد للطاقة الحقيقية في المملكة العربية السعودية في العالم يبدأ وينتهي باحتياطياتها النفطية وإنتاجها، فكلما زادت هذه الأعداد، كلما زادت القوة، وكلما قل عددها قلت القوة. وفي الأسابيع الأخيرة، أصبحت هذه المناقشة أكثر وضوحا في الفترة التي سبقت عرض السندات الأخير للمملكة العربية السعودية وفي النقاش حول العرض الزائد والطلب في سوق النفط خلال الفترة المتبقية من هذا العام وما بعده. وكما هو مفصل أدناه، فإن الكثير مما قالته المملكة العربية السعودية عن احتياطياتها النفطية، وإنتاجها الحالي، وإنتاجها المحتمل في المستقبل هو مبالغة تم إجراؤها لأغراض تضخيم الذات، ولكن على الرغم من ذلك، فقد زادت الأرقام إلى حد ما مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات. في البداية، كانت أرقام احتياطيات النفط الخام المطالب بها: هذه أعمال تبجح مذهلة وتخيل شبه كامل منذ عام 1990 عندما زادت المملكة فجأة العدد الرسمي من 170 مليار برميل إلى 257 مليار برميل، على الرغم من عدم وجود اكتشافات نفطية جديدة أو تحسينات في معدلات الانتعاش، كما أبرز في كتابي الأخير عن أسواق النفط. وبعد ذلك بوقت قصير، زادت المملكة العربية السعودية من أعداد احتياطياتها الرسمية من النفط الخام مرة أخرى، إلى 266.4 مليار برميل، وهو مستوى استمر حتى زيادة طفيفة في عام 2017، إلى 268.5 مليار برميل. وخلال نفس الفترة - في الواقع، من عام 1973 إلى الشهر الماضي - ضخت المملكة العربية السعودية ما متوسطه 8.162 مليون برميل يوميا. مع أخذ فترة الثلاثين سنة فقط من 1990 إلى 2020، وهذا يعني أن المملكة العربية السعودية أزالت بشكل دائم 2,979,130,000 برميل (حوالي 2.98 مليار) برميل من النفط كل عام من حقولها، أي ما مجموعه 89,373,900,000 برميل (حوالي 89.4 مليار برميل) خلال تلك الفترة من 30 عاما. وكان استخدام العدد الأصلي لاحتياطيات النفط الخام يعني أن احتياطيات المملكة العربية السعودية ستقف الآن عند حوالي 81 مليار برميل، مما يضعها في المرتبة الثامنة على قائمة الدول حسب ترتيب احتياطيات النفط الخام. وبدلا من ذلك، وبسبب الارتفاع الأحادي الحظ - والغموض بنفس القدر - في أعداد الاحتياطيات من قبل السعودية نفسها في عام 1990 (لم تكن الأرقام مصدرها أو تأكيدها من قبل أي مصدر مستقل، ضع علامة عليك)، تمكنت المملكة العربية السعودية بطريقة أو بأخرى في وقت واحد من إزالة 89.4 مليار برميل من النفط بشكل دائم من حقولها مع زيادة أعداد احتياطياتها من النفط الخام بأكثر من 87 مليار برميل. ونظرا، كما ذكر، أنه خلال هذه الفترة لم تكن هناك اكتشافات نفطية جديدة - بل كان هناك انخفاض في الإنتاج خلال هذه الفترة في العديد من الحقول الأساسية في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك غوار - وهذا أمر مستحيل رياضيا.
لذا، فإلى أرقام إنتاج النفط الخام الفعلية: كما هو موضح أعلاه، بلغ متوسط كمية النفط الخام التي تمكنت المملكة العربية السعودية من ضخها من عام 1973 إلى الشهر الماضي 8.162 مليون برميل يوميا. هذا هو، لا يوجد مراوغة على هذا العدد، ولا يؤخذ في الاعتبار ضمن هذا العدد من الادعاءات التي لا يمكن التحقق منها من أي "مكافئات نفطية" أخرى تحب السعودية طرحها في أي استجواب لهذا العدد من أجل زيادة التعتيم على القضية. إذا كان هذا – صحيح – يتم استخدام الرقم كأساس للمناقشة، فإن جميع الأنشطة اللاحقة للمملكة العربية السعودية منطقية تماما. والأمر الأكثر دلالة في هذا الصدد هو أن السؤال الذي طرح في كثير من الأحيان في وقت مبكر من حرب أسعار النفط الأولى التي حرضت عليها السعودية في الفترة من 2014 إلى 2016والتي كانت تهدف إلى تدمير تهديد النفط الصخري الأمريكي الوليد آنذاك للسعودية كان: "لماذا لم يضخ السعوديون المزيد من النفط لتحطيم الأسعار أكثر؟" ففي نهاية الأمر، كانت الاستراتيجية السعودية هي أن تضخ هي وجميع أعضاء أوبك الآخرين أكبر قدر ممكن من النفط الخام لدفع أسعار النفط إلى أدنى مستوى ممكن للتسبب في أكبر عدد ممكن من حالات الإفلاس في قطاع النفط الصخري الأمريكي. وحقيقة الأمر هي أن السعوديين ضخوا كل ما في وسعهم في تلك المرحلة. فقد ضخت 8.1 مليون برميل يوميا ومليون برميل يوميا، بالإضافة إلى أنها ضخت إلى أقصى حد على جميع حقولها الأخرى، بالإضافة إلى أنها استخدمت نفطها في التخزين ولكن على الرغم من كل ذلك لم تتمكن من إنتاج أكثر من 10 ملايين برميل يوميا من النفط في أي وقت لأكثر من بضعة أشهر أو نحو ذلك (أساسا حتى نفد تخزينها واضطرت إلى الاعتماد على إنتاج حقيقي من رؤوس الآبار). وبالنظر إلى أن ما كان على المحك في حرب أسعار النفط في الفترة 2014-2016 هو مستقبل المملكة العربية السعودية على المدى الطويل كقوة كبيرة في الشرق الأوسط والعالم، لو كان بإمكانها ضخ قطرة نفط أخرى خلال تلك الفترة لكانت قد ضخت قطرة واحدة من النفط خلال تلك الفترة.
وهذا يؤدي إلى مزاعم السعودية غير المنطقية حول قدرتها الاحتياطية. وقد استندت هذه الادعاءات إلى أساس أن إنتاجها الأساسي من النفط الخام هو حوالي 10 ملايين برميل يوميا بدلا من 8.162 مليون برميل يوميا وهو ما هو صحيح من الناحية الواقعية. والواقع أنها، كما ذكر، لم تنتج سوى حوالي 10 ملايين برميل يوميا خلال حربها الهامة الوجودية على أسعار النفط في الفترة 2014-2016، ولكن ذلك كان يسير بكامل طاقته وشمل أحجام التخزين. والنقطة هنا هي أن القدرة الاحتياطية هي على وجه التحديد ما يلي: أساسا، المبلغ الإضافي الذي يمكن لبلد ما أن ينتجه في حالات الطوارئ إذا لزم الأمر، وعند الاقتضاء، بالإضافة إلى الكمية التي يمكن إنتاجها بسهولة كل يوم. وتعرف إدارة معلومات الطاقة الطاقة الاحتياطية على وجه التحديد بأنها الإنتاج الذي يمكن إدخاله عبر الإنترنت في غضون 30 يوما وديمامه لمدة 90 يوما على الأقل، في حين قالت حتى المملكة العربية السعودية إنها ستحتاج إلى 90 يوما على الأقل لنقل الحفارات لحفر آبار جديدة ورفع الإنتاج إلى مستوى أسطوري قدره 12 مليون برميل يوميا أو 12.5 مليون برميل يوميا. والتزاما بهذه القاعدة، بلغت الطاقة الاحتياطية الحقيقية للمملكة العربية السعودية حتى نهاية عام 2016 على الأكثر حوالي مليوني برميل يوميا باستخدام 8 ملايين برميل يوميا كعدد أساسي، أي ما يعادل حوالي 10 ملايين برميل يوميا في المجموع، وهو بالضبط ما أنتجته عندما كانت في أمس الحاجة إلى أقصى إنتاج (أي خلال حرب أسعار النفط 2014-2016). وبدلا من ذلك، يستخدم السعوديون القدرة الاحتياطية الصحيحة البالغة مليوني برميل يوميا، لكنهم يضيفونها إلى رقم الإنتاج الأساسي الزائف البالغ 10 ملايين برميل يوميا منذ سنوات، مما يعطي رقما يستمر في ذكره للقدرة الإجمالية التي تتراوح بين 12 و13 مليون برميل يوميا. وفي الواقع، قالت وزارة الطاقة السعودية خلال حرب أسعار النفط المشؤومة في عام 2020 إنها ستزيد طاقتها القصوى المستدامةإلى 13 مليون برميل يوميا. ومن الخطأ الأساسي في هذا العدد السعودي أنه اضطر إلى قول ذلك في نشرة سندها الأخير الذي ذكرت أرامكو السعودية أنه لم يشرع بعد في العمل على توسيع طاقته القصوى المستدامة إلى هذا المستوى من 13 مليون برميل يوميا.
وفيما يتعلق بما نحن عليه الآن، حدث تغيير طفيف في صالح المملكة العربية السعودية. وكبداية، فإن إعادة تشغيل المنطقة المحايدة المقسمة سيعيد ما بين 500,000 و600,000 برميل يوميا إلى السوق لتقاسمها بالتساوي بين السعودية والكويت، مما يعني ما يصل إلى 300,000 برميل يوميا إضافية للمملكة العربية السعودية، وهو ما لا يأخذ في الاعتبار التوسعات الأخيرة. "متوسط إنتاج النفط الخام من بداية عام 2012 - عندما رفع السعوديون الإنتاج لتعويض الخسائر في ليبيا - إلى أبريل 2020، نحن نقدر في 10.0 مليون برميل يوميا، وبالنسبة للكثير من هذه الفترة تم إغلاق PNZ في و2015 و 2016، والمتوسطات السنوية لدينا هي 10.2 مليون برميل يوميا و 10.6 مليون برميل يوميا، والتي كانت تشغيل مستدامة جدا"، وقال ريتشارد برونز، المحلل في جوانب الطاقة، في لندن، حصرا OilPrice.com الأسبوع الماضي. وقال "من الصعب التحقق من صحة الأرقام الرسمية للقدرة الإنتاجية من أي بلد ما لم نراه ينتج على هذا المستوى لفترة طويلة، ثلاثة أشهر على الأقل، والمملكة العربية السعودية زادت الإنتاج لفترة وجيزة في أبريل الماضي [2020]، لكنني أشك في أن هذا جعله إلى مستوى غير مستدام". واضاف "اقدر ان السعودية يمكن ان تنتج بشكل مستدام حوالى 11،3 مليون برميل يوميا من النفط الخام اي اقل الى حد ما من الارقام الرسمية البالغة 12 مليون برميل يوميا او حتى 12،5 مليون برميل يوميا بما في ذلك المنطقة الوطنية النيوزيلندية". واختتم حديثه قائلا: "أعلنت المملكة العربية السعودية عن العديد من المشاريع التمهيدية التي من المقرر أن يتم تنفيذها في منتصف العقد تقريبا، ولكن هذه المشاريع مطلوبة إلى حد كبير لتعويض الانخفاضات الطبيعية في الحقول القائمة، وإذا كانت المملكة جادة في رغبتها في زيادة الطاقة الإنتاجية، فإن ذلك سيتطلب استثمارات رأسمالية إضافية كبيرة على مدى عدة سنوات".