ارتفاع أسعار النفط يهدد الانتعاش الاقتصادي العالمي
منذ أن تجاوزت أسعار النفط 70 دولارا للبرميل في وقت سابق من هذا العام، كان المحللون والاقتصاديون والبنوك المركزية يشعرون بالانزعاج إزاء ما إذا كان ارتفاع أسعار النفط الخام يمكن أن يعطل الزخم في الانتعاش الاقتصادي العالمي من الوباء.
ويرى معظم الخبراء أن الضغوط التضخمية آخذة في الارتفاع بلا شك في الاقتصادات النامية، التي هي أكثر حساسية من الأسواق المتقدمة النمو لارتفاع أسعار النفط. فأسعار الوقود والغذاء تمثل عموما المزيد من الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصادات الناشئة، وبالتالي فإنها تضر بها أكثر من الأسواق الناضجة عندما ترتفع أسعار النفط. كما بدأت المخاوف المتعلقة بالتضخم في الظهور في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان المتقدمة النمو.
ومع ذلك، يعتقد معظم المحللين أن أسعار النفط – التي تبلغ حاليا حوالي 75 دولارا للبرميل – ليستمرتفعة إلى حد إبطاء النمو الاقتصادي بشكل خطير، لا سيما في الولايات المتحدة وأوروبا. وفي تلك المجالات، تمثل الخدمات حصة كبيرة ومتزايدة من الناتج المحلي الإجمالي، ولا تزال تكلفة النفط كحصة من الناتج المحلي الإجمالي أقل من المتوسط الطويل الأجل.
قال اقتصاديون ومحللون لصحيفة وول ستريت جورنال الاسبوع الماضى ان اسعار البترول لم تصل بعد الى النقطة التى يمكن ان تخرج الانتعاش الاقتصادى فى الاسواق المتقدمة عن مساره .
وعلى الصعيد العالمي، سترتفع تكلفة النفط كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، المعروف أيضا باسم عبء النفط، هذا العام بسبب ارتفاع أسعار النفط، لكنها ستظل دون المتوسطات طويلة الأجل، وفقا لتقديرات مورغان ستانلي التي أوردتها المجلة.
وفي عام 2021، من المتوقع أن يرتفع عبء النفط إلى 2.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي إذا بلغ متوسط الأسعار 75 دولارا للبرميل. ولكن حتى هذا العبء الأعلى مما كان عليه في السنوات السابقة سيكون أقل من المتوسط على المدى الطويل البالغ 3.2 في المائة، كما يقول بنك الاستثمار.
ونقلت المجلة عن تقرير لمورغان ستانلي صدر في وقت سابق من هذا العام أن النفط يجب أن يصل في المتوسط إلى 10 دولارات للبرميل أعلى - 85 دولارا - من أجل أن يصل ما يسمى بعبء النفط إلى المتوسط على المدى الطويل.
وتشير التوقعات الاقتصادية الحالية للاقتصادات المتقدمة النمو إلى أن ارتفاع أسعار النفط هذا العام لن يشكل عثرة كبيرة أمام انتعاش النمو في مرحلة ما بعد الوباء.
وفي الأسبوع الماضي فقط، رفعت المفوضية الأوروبية توقعاتها للنمو الاقتصادي على المدى القصير بالنسبة للاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، متوقعة أن يتوسع الاقتصاد بنسبة 4.8 في المائة في عام 2021 وبنسبة 4.5 في المائة في عام 2022. وتشير أحدث التوقعات في التوقعات الاقتصادية المؤقتة لصيف 2021 إلى ارتفاع بنسبة 0.6 و0.5 نقطة مئوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو على التوالي، مقارنة بتوقعات الربيع التي تم إجراؤها قبل ربع عام فقط.
ومع ذلك، تتوقع اللجنة أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية إلى الضغط التصاعدي على التضخم هذا العام، إلى جانب اختناقات الإنتاج ونقص بعض المواد الخام.
ومع ذلك، فإن الطلب الاستهلاكي المكبوت في الاقتصادات المتقدمة، ومعظمها في الولايات المتحدة وأوروبا، من المقرر أن يحافظ على الانتعاش الاقتصادي ويعوض، على الأقل في الوقت الراهن، العبء النفطي المتزايد، كما يقول المحللون.
وفي أوروبا والولايات المتحدة، فإن ضغط ارتفاع أسعار النفط على النمو الاقتصادي "ضئيل في سياق النمو القوي جدا المتوقع عند خروجها من أزمة كوفيد"، حسبما ذكرت مايفا كوزين من بلومبرج إيكونوميكس وزياد داود.
وهذا ليس فقط لأن التوقعات الحالية تشهد انتعاشا قويا في الاقتصادات المتقدمة، ولكن أيضا لأن هناك حاجة الآن إلى كميات أقل من النفط لإنتاج دولار واحد من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الناضجة حيث تنمو حصة قطاع الخدمات، وفقا للمجلة.
ومن المتوقع أن يكون لارتفاع أسعار النفط الخام تأثير ضئيل على النمو الاقتصادي العام والتوقعات على الاقتصادات المتقدمة عما كان عليه قبل بضعة عقود. ولكن ارتفاع الأسعار يشكل تحديا بالتأكيد للاقتصادات النامية، وخاصة تلك التي تعتمد اعتمادا كبيرا على واردات النفط مثل الهند. والضغوط التضخمية أقوى هناك، ويرى المحللون أن 80 دولارا من النفط هي الخط الأحمر الذي يبدأ بعده تدمير الطلب على النفط.
وقال مارتين راتس كبير محللي النفط في مورغان ستانلي لشبكة "سي ان بي سي" في وقت سابق من هذا الشهر "قبل ذلك، نتوقع ان يبدأ جزء كبير من تدمير الطلب".
واشار راتس الى ان " ذلك سيكون له اثار على النمو الاقتصادى لانه اذا لم يعد الطلب على البترول ينمو بنفس السرعة فان الكثير من العمليات الاقتصادية الصناعية الاخرى تعتمد على ذلك " .